((الخيانه))مسابقة القصه ..((رائحة الموت في انفي))
((رائحة الموت في أنفي))
تسللت خطوط أشعة الشمس الذهبية من خلال الستائر ..
ونشرت ضياءها في أرجاء الغرفة المظلمه..
رنت الساعة رنينا متحشرجاً وكأنها تحتضر!!
أسرعت أمد يدي ألى الساعة كي أخرسها..
- آآآآآآه لو أنني أستطيع إيقاف الوقت ولو لساعة واحدة فقط....
بقيت في مكاني أحدث نفسي وعيني مغلقتين ..
رفعت ذراعي لأتمطى بكسل..
إستويت جالسة وشعري المنكوش يغطي وجهي ..
ثم جرجرت نفسي للوقوف على قدمي المتعبتين من ((مشوار)) الأمس...
-"ياإلهي...إلى متى سيستمر هذا الألم في قدمي؟؟!!!"
وقفت أمام المرآة في الحمام أراقب عيني المنتفختين من آثار السهر..
- "منذ متى كانت آخر مرة أنام فيها نوما هنيئا وفي وقتي المحدد؟؟؟"
لم أعد أذكر بالتحديد..كل ماأذكره بأنني صرت لاأنام من الليل إلا قليلا!!
- سآخذ "حماما" دافئا فربما سيساعدني على الإستيقاظ من سباتي الذي مازال يجثم على عيني" ..
بعد الأنتهاء من "الحمام" المنعش نظرت من جديد إلى وجهي فرأيت بوادر تحسن عليه..
="حمدا لله يارب..سأبدأ يومي بشكل طبيعي.."
أخذت أسرح شعري الطويل الناعم الأسود ..ولكن شعري بهت لونه وصار يتساقط بكثره!!!
- "شعري يبدو خفيفا جدا..كيف يمكنني أن أجعله كثيفا لامعا؟؟؟!!!!"
كانت عيناي تجولان على عبوات الكريمات والمرطبات..
كل تلك الكريمات لم تنفع في إيقاف تساقط شعري!!
- "سأذهب إلى الطبيب لاحقا فربما سأجد لديه دواءاً مناسباً.."
-"آلو المركز الصحي للمدينه؟؟"
-"نعم ..كيف يمكنني مساعدتك؟؟"
- "أرجو أن تدرجيني في قائمة مواعيد الدكتور لهذا اليوم؟؟"..
-"بالتأكيد..ولكن سيكون موعدك متأخراً قليلاً لأن جدول الطبيب مشحون لهذا اليوم..
مممم...هل يناسبك الساعة الواحده بعد الظهر؟؟"..
- "لابأس"..
-"إلى اللقاء"
ذهبت إلى المطبخ وفتحت باب البراد لأجهّز وجبة فطوري الصباحيه..
جهزت بيضة مسلوقه وثمرة تفاح أخضر وشريحتين من التوست المحمص
عليهما بعض من كريمة الجبنه ومربى الفراوله وكوب من القهوة الفرنسيه..
فتحت التلفاز ..وبدأت أقلّب القنوات..
-"آه..هذه هي قناة التنبؤ بالأحوال الجويه..ياترى هل ستمطر اليوم أم لا؟؟..وماذا عن الرياح؟؟"
يشير المذيع إلى الخريطة قائلا:
"ألجو غائم جداً.. وستنخفض درجة الحراره إلى إدنى درجاتها وكذلك الرؤية بسبب الضباب..
مع احتمال سقوط أمطار رعدية غزيرة بعد ظهر هذا اليوم..
وستكون الرياح قوية بسرعة 90 كيلو متراً في الساعه!!.."
- "رائع!!!!!..هذا هو ماينقصني!!!!!..سأحوّل هذه القناة السخفية الممله......"
..تصدح مطربة خليجية بأغنية أحبها...
أتمايل على أنغام الموسيقى ..
تنتهي الأغنيه ويبدأ برنامج آخر عن الأقتصاد وأخبار البورصه..
-"أفففف..كم أكره هذه النشره..لاأستطيع أن أفهم أي شيء فيها....
كيف يمكن لهؤلاء المستثمرين أن يثقوا في هذه المضاربات الربحية التي تشبه القمار إلى حد بعيد ؟؟!!!"
أضغط بغيظ على الريموت كنترول وأفتح قناة الجزيره ..
البرنامج لم يكن إخباريا وإنما فلماً وثائقيا!!..
بدأت أتابع باهتمام عن حياة عمال المناجم وكيف أنهم يكدحون تحت الارض من أجل توفير لقمة العيش لأسرهم ..
ورغم صعوبة العمل وطوله ألا أن العائد يكون زهيداً لهؤلاء العمال!!!
تساءلت في نفسي :"ياترى كم يملك من المال صاحب هذا المنجم؟؟.. وكيف ينفقه؟؟!!!!!"
كان منظر العمال مخيفاً وكأنهم يخرجون من قبور ممتلئة بالوحل..
فقد غطى وجوههم الفحم الاسود فلم أعد أميز بين الأشقر أو الأسود !!!!..
ألكل يتشابه في هذا العمل المنهك جدا ً!!!..
فجأة ينقطع البرنامج وتظهر مذيعة جميلة تعلن عن خبر عاجل!!!!!!!
- "خير.. اللهم اجعله خير.."
"أغارت طائرات بدون طيار على كل من أفغانستان وكذلك على المناطق الحدودية المشتركة في باكستان
وقتل مئات من المدنيين العزل من النساء والأطفال والشيوخ..
من ناحية أخرى أغارت إسرائيل على كل من جنين وقطاع غزه والجليل
وأسفرت هذه الغارات عن وقوع عشرات القتلى من الأطفال والمدنيين العزل أيضا!!!!
فيما توالت الإنفجارات في كل من الأعظميه وحي السوق القديم..
وكذلك حول منطقة الحزام الأخضر!!..ولايعرف عدد الضحايا حتى هذه اللحظه!!!!".....
- "يالطيفٌ لم يزل..الطف بنا فيما نزل.."
تتابع المذيعه..سنوافيكم بالتفاصيل بعد قليل ...يظهر فاصل اعلاني..
بدأت أشعر بألم في معدتي وبعض الغثيان..
نظرت إلى الأكل الموضوع أمامي على الطاوله وحاولت أن أمد يدي لآكل منه شيئا
ولكني لم أستطع!!..
ظهرت المذيعة الجميله ثانية بالخبر التالي:
"وصلتنا أخبار وصور من كل من أفغانستان وباكستان وفلسطين وأيضا العراق ..
الصور بها مشاهد مؤثره جداً ننصح بعدم السماح للأطفال أو من لديه مشاكل في القلب بمشاهدتها ..."
بدأت الصور تتوالى ...جثث ممزقة الأشلاء ..إختلطت فيها أجساد الأطفال بأجساد الأمهات..
وهناك بقايا من ثياب رجل ممزقة..وقطع من اللحم المحترق..
دماء متناثرة على الجدران .... والأرض تسيل فيها الدماء من كل اتجاه....
أكاد أشم رائحة الموت في أنفي من على هذا البعد !!!...
عيناي مثبتتان على شاشة التلفاز لاأستطيع أن أحركهما أو حتى أن أرمش من هول ماأشاهده
قطرات من دموع بدأت تتساقط دون شعور مني وإذا بالقطرات تترى دموعاً سخينه
إنهمرت على خدي ..
إنفجرت بالبكاء الشديد...حتى سمعت أصداء نشيجي يتردد في أرجاء المنزل..
وبعد نوبة البكاء تلك..ذهبت لشرب كوب من الماء البارد لعله يطفيء نيران قلبي المشتعل!!!!!!
إنتهت الأخبار.....أغلقت جاز التلفاز وأنا لاأكاد أقوى على ضغط أزرار الريموت ..!!...
نظرت مرة أخرى ألى فطوري الذي مازال على الطاولة..ونظرت إلى قهوتي التي أصبحت بارده...
سمعت صوتاً يسالني : "هل يعلم أحد من أهالي هؤلاء الضحايا ببكائك؟؟"
أجبت :"لا ..لم يعلم أحد.. ولن يعلم أحد.."!!!!!!
-"إذن لما تبكين ؟؟ "((أنّبني شيطاني))..
-"لقد كان المشهد مؤثرا جداً.. "..((بررت موقفي))
- "اليس من الأفضل لك أن لاتتابعي الأخبار مادمت لاتستطيعين أن تفعلي أي شيء؟؟
ومادمت أنك تتأثرين إلى هذا الحد؟؟"
-"معك حق!!..أنا لاأستطيع أن أفيدهم بدموعي ..سأعمل بنصيحتك منذ الغد.."!!!!
-"عين العقل....هكذا!!!.. يجب أن تغلقي عينيك وأذنيك ..
إستمتعي بحياتك قدر ماتستطيعين ..
فأنت مازلت في ربيع العمر فلا تضيعي هذه الفرصة منك..
ليس لديك سوى عمر واحد فقط.."
الساعة الآن الثانية عشرة والنصف بعد الظهر..وموعدي مع الطبيب الساعة الواحده..
-"يجب أن أحتسب مسافة الطريق لأصل إلى المركز الصحي..
من الأفضل أن أغادر الآن"..
بدأت السماء ترعد وتمطر بغزاره.. والريح تصفر بقوه ..والأشجار تتمايل يمنة ويسره
بينما أوراقها الصفراء تتساقط وتتطاير بعيداً عنها ..
وضعت بعض المساحيق الخفيفة بسرعة على وجهي لأخفي معالم البكاء فيه ..
ثم لبست معطفي الأحمر وحملت مظلتي بيدي حتى تقيني من شدة المطر..
وذهبت الى الدكتور لأعتني بشعري..
ولم أنتظر حتى للغد كما قلت لشيطاني..
بل عملت بنصيحته اليوم ..... وفوراً!!!!!!!
كيبورديه خياليه بالمطلق من تاليف: الماسه*